بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي
قيادة قطر العراق مكتب الثقافة والاعلام القطري
امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
وحدة حرية اشتراكية
بوحدة المقاومة سنسقط الاتفاق الامريكي الايراني حول العراق
شكل اجتماع يوم 28 – 5 – 2007 بين السفيرين الامريكي والايراني في بغداد نقطة تحول رسمية جوهرية، على المستوى الرسمي، لم يحصل مثلها منذ قطع العلاقات بين البلدين في عام 1979، سيكون لها اثار خطيرة جدا على مستقبل العراق والامة العربية، اذا لم تواجه نتائجه بموقف عراقي وعربي حازم. ففي اجواء الحرب الكلامية بين الطرفين واشعال ازمات مفتعلة في لبنان وغيرها، كان مطلوبا خلق انطباع مضلل، هو الذي عبر عنه علي خامنئي حينما قال بان (ايران تقود كل مناهضي امريكا في العالم)، في مسعى واضح للتمويه على التعاون الايراني الامريكي حول العراق والمنطقة كلها واخفاءه، لاجل مواصلة الخداع والتضليل، بخصوص الدور الايراني في العراق، وشق الصفوف العربية بين مؤيد لايران ورافض لها!
لكن هذا الاجتماع وما تمخض عنه، بحدود ما اعلن حتى الان، اكد كما قال السفير الايراني وزميله الامريكي التوصل الى اتفاق عام على القضايا الاساسية حول الامن في العراق، الامر الذي يطرح سؤالين جوهريين هما : ما مغزى عقد الاجتماع في بغداد؟ وما اهمية ما تمخض عنه من تفاهمات على العراق والمنطقة كلها؟ ان اول ما يتبادر الى الذهن كرد على فعل على عقد الاجتماع في بغداد وليس في أي مكان اخر هو تقديم اقرار امريكي رسمي وصريح لاول مرة بان بان ايران شريك لامريكا في احتلال العراق منذ بدايته وحتى الان، وان امريكا وايران، ومهما اختلفتا حول تقاسم المغانم في العراق والمنطقة، تبقيان على اتفاق جوهري حول مصير العراق خصوصا اتفاقهما على تذويب هوية العراق العربية.
ويمكن بالتاكيد الاشارة الى ان التوافق الامريكي – الايراني حول العراق هو توافق شركاء بدليل ان امريكا بقيت تهدد ايران وتتهمها بعرقلة احلال السلام في العراق والمنطقة والعالم، ومع ذلك جلست معها في النهاية للتفاوض حول مصير العراق! واستنادا الى هذه الحقيقة فان المنطقة ستتعرض لنفس ما يتعرض له العراق الان من عقد صفقات امريكية ايرانية ضد المصالح العربية خصوصا في الخليج العربي، في اطار ترتيبات اقليمية قادمة، منها مشروع الشرق الاوسط الكبير او الجديد، والذي تعمل امريكا على اشراك ايران فيه، كما تدل المؤشرات القادمة من واشنطن وطهران، وترى الاخيرة في هذه المشاريع غطاء مناسبا لتحقيق المزيد من المكاسب الاقليمية وهي تخطط وتعمل لاقامة امبراطوريتها الفارسية.
ان اهمية وخطورة ما جرى اليوم في بغداد لا تكمن فيما تم التوصل اليه بل في فتح الباب رسميا امام التفاوض الرسمي بين امريكا وايران واقرار موقف تبادل المصالح والمنافع بينهما. صحيح ان السنوات السابقة منذ ما قبل غزو العراق قد شهدت اتصالات امركية ايرانية للتنسيق ضد العراق، الا انها كانت غير رسمية، اما الان فان ثمة اجماع امريكي ديمقراطي جمهوري على اطراء التعاون الامريكي الايراني وهو ما عبرت عنه رئيسة مجلس النواب الامريكي السيدة بيلوسي عقب الاجتماع. لقد انهكت امريكا في العراق تماما، واصبحت بحاجة لاي حبل انقاذ يمد لها، بشرط ان يحفظ ماء وجهها ويخفي حقيقة انها هزمت في العراق. وايران مستعدة لتحقيق هذا الامتياز لامريكا فبعد ان شجعتها على الغزو والانغماس في المستنقع العراقي، وبعد ان تعبت وفشلت، ها هي ايران تلوح لها بخروج يحفظ ماء الوجه، مع امتياز ان توعز لعملاءها في العراق (الصدر والمالكي وغيرهما) بان يتعاونوا اكثر مع امريكا، وبالاخص ان يوقعوا اتفاقية نفطية تريدها امريكا، وان تتقاسم امريكا وايران استخدام عملاء ايران في العراق على الاقل لمرحلة معينة هي العمل المشترك المنظم اكثر مما مضى ضد المقاومة العراقية المسلحة.
ان حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، يذكر بهد الحقيقة الواضحة التي كررنا لفت النظر اليها مرارا، ردا على الادعاء المشبوه من قبل بعض العرب الذين يقولون بان امريكا قد انتهت من مرحلة التعاون مع ايران حول العراق وبدأت بتصفية نفوذ ايران فيه او على الاقل تحجيمه، ومن ثم على العراقيين الذين رفضوا التعاون مع الاحتلال، خصوصا المقاومة المسسلحة، ان يتعاونوا مع امريكا من اجل طرد ايران من العراق! لقد وصل دجل اصحاب هذا المنطق نهايته فها نحن الان نواجه حقيقة ثابتة وهي ان التعاون الامريكي الايراني مازال فتيا وقويا ومباشرا، وهاهي المصلحة المشتركة للطرفين تسمو فوق اي خلافات اخرى بينهما، وهاهي بريطانيا تتراجع في العراق فيما تتقدم ايران لتحتل موقع الشريك الاول لامريكا في الاحتلال!
في ضوء ما تقدم، فان حزبنا يسلط الضوء على الملاحظات الجوهرية التالية :
1 – ان التحالف الامريكي - الايراني هو العدو الاول والاخطر على العراق والامة العربية، لانه تحالف يقوم رسميا وفعليا على تذويب هوية العراق العربية وتقسيمه وتقاسمه وتحويل عرب العراق الى اقلية مهملة لا شأن لها.
2 – ان تقسيم العراق وتقاسمه بين امريكا وايران ما هو الا مقدمة لتقسيم وتقاسم المنطقة بين امريكا وايران، وطبعا اسرائيل، خصوصا الخليج العربي والجزيرة العربية.
3 – ان الخلافات الامريكية الايرانية كانت، ومازالت وستبقى، نتاج صراع حول المغانم بين قوة دولية، هي امريكا، انهكت بعد ان تورطت في غزو مدمر لكنها مصممة على الحصول على ثمن من الغزو مهما كانت النتائج، وقوة اقليمية، هي ايران، ساعدت على الغزو ونجاحه بدور حاسم، فتم لها، وعلى يد امريكا، ازالة العقبة الاقليمية الاساسية التي كانت تحد من نفوذها وتوسعها، وهي العقبة العراقية، لذلك لم يعد هناك ما يمنع ايران من ممارسة دور اصبح يفوق دورها بكثير قبل غزو العراق، وهذا الدور الايراني لا تعترض عليه امريكا مادام يصب باتجاه الغاء دور العراق العربي.
4 – ان أي حل امريكي – ايراني في العراق لن يكون الا على حساب وحدته الاقليمية وهويته العربية، وسيترك أثارا سلبية خطيرة على كل الاقطار العربية دون استثناء. ان اقرار امريكا بدور ايراني رئيس في العراق سيقود تلقائيا الى ادوار ايرانية مشابهة وربما اخطر في اقطار عربية اخرى.
ان حزبنا انطلاقا من مسئوليته التاريخية، وبعد ان حدد ملامح الخطر القادم يدعو الى رد عراقي وعربي منسقين ومدروسين يقومان على الاسس التالية :
1 – رفض كافة فصائل المقاومة العراقية المسلحة، وكافة القوى الوطنية العراقية، لاي اتفاق تأمري امريكي ايراني وعدم التعامل معه والعمل الجاد لنسف اسسه، والتاكيد على ان مصير العراق يقرره ابناءه فقط وليس قوى الاحتلال الاستعماري سواء كانت ايرانية او امريكية.
2 – الايقاف الفوري للاحتكاكات السلبية بين عناصر من فصائل مقاومة في العراق، وربط أثارة المشاكل بين المقاومين بالخطة الامريكية الايرانية لشق المقاومة وتدميرها بادواتها هي. فلولا ما صدر عن تلك العناصر من مواقف استفزازية واقصائية لما تجرأت امريكا على عقد اجتماعات رسمية مع ايران والاعلان عن وجود رغبة امريكية في حل الموضوع العراقي عن طريق ايران، وليس عن طريق الاستجابة لمطلب المقاومة بقبول شروطها والتفاوض معها.
3 – تأكيد رفض المقاومة لأي تفاوض مع امريكا الا من خلال شروطها المعلنة، من جهة، والاصرار على استبعاد أي دور ايراني مباشر او غير مباشر في حل قضية الغزو وتقرير مصير العراق من جهة ثانية.
4 – على الانظمة العربية كافة ان تستخلص الدرس الكبير الصحيح الذي يقدمه اجتماع بغداد، بين السفيرين الامريكي والايراني، وهو ان كافة الانظمة العربية وبلا استثناء موضوعة في قائمة المساومات الامريكية الايرانية، مهما تنازلت هذه الانظمة وقدمت الخدمات لامريكا في العراق وغيره، لانها لا تقرن خدماتها بمطالب تصر علي تنفيذها من قبل امريكا وتضغط وتناور بقوة وذكاء كما تفعل ايران، بل هي تعاون امريكا دون ان تتمسك بشروط محددة مقابل ذلك. من هنا فان حبل انقاذ كافة الاقطار العربية، بنظمها وشعبها وهويتها، يتمثل في دعم المقاومة العراقية ماديا ومعنويا وانهاء فترة التردد لانه قاتل ويضيع فرص انقاذ الامة.
لقد كان حزبنا صائبا منذ البداية في فهم طبيعة التعاون الامريكي الايراني، ولم يقع في اوهام، وقعت فيها عناصر وجماعات عربية، ادعت وجود تناقض جوهري امريكي ايراني فأيدت بسببه ايران، رغم انها مشارك رئيس في غزو وتدمير العراق. لذلك فاننا نجدد التاكيد على ان ايران قوة مضادة لحركة التحرر العربية، وهي تمثل قوة استعمارية اقليمية تتعاون مع، وتكمل، دور الاستعمار الامريكي والغزو الصهيوني، في اطار عملية تقاسم ادوار اقليمية كبرى، لاعادة تشكيل المنطقة جغرافيا وسكانيا، لصالح المشاريع المتداخلة والمترابطة والمتكاملة، لكل من الراسمالية الامريكية والصهيونية وايران، وهي مشاريع تقوم كلها على تفتيت اقطار العربية ومسخ هويتها العربية واقتطاع اجزاء اخرى منها.
ان طريق الانقاذ الوحيد هو التمسك ببندقية المقاومة العراقية وعدم التنازل عنها، لاي سبب كان، فهي التي اذلت امريكا والحقت بها الهزيمة، وهي التي ستجبرها على التفاوض بعد قبول شروط المقاومة. ولذلك فان الرد التاريخي والحاسم على الخطوة التأمرية الامريكية الايرانية الاخيرة هو تصعيد العمل المسلح للمقاومة المستند على تعزيز وحدتها القتالية، وتجديد رفض ما يسمى الانخراط في العملية السياسية، والوقوف بحزم ضد كل منشق يريد خلق مشاكل في اوساط المقاومة تحت أي حجة او سبب. ان وحدة المقاومة هي كلمة السر في دحر الغزو الامريكي الايراني وليس هناك حل اخر غير ذلك.
مكتب الثقافة والاعلام القطري
بغداد عاصمة صدام الشهيد
28 – 5 - 2007